اولاد الأصول قصة قصيرة بقلم ا. د محمد موسى

♠♠♠♠ القصة القصيرة ♠♠♠♠

♠♠♠  أولاد الأصول  ♠♠♠

♠♠ الشعب المصري من شعوب الأرض ذات الحضارات الضاربة في عمق التاريخ ، ومن أوائل الشعوب التي دخلت إلى الإسلام ، ومن الشعوب العربية التي إحتضنت كل الثقافات الغربية ، ولما إُحتلت من الإستعمار على مدار التاريخ هضمت ثقافاته ولم تتلون وتركها الإستعمار وترك شعب ذات ثقافات تؤثر في الأخرين ولا تتأثر بالأخرين إلا قليل ، والقاهرة ظلت لسنوات أجمل وأنظف وأرقى من أكثر العواصم العالمية مثل باريس ولندن ، وقلدها الجميع حتى أن من قدر له الله السفر والتجول في بلاد العالم يجد إسم القاهرة في الكثير من بلاد العالم ، وفي اللغة العربية لدى المصريين تركيبات لغوية إنفردت بها الثقافة المصرية فمن تلك العبارات اللغوية " أولاد الأصول " ، هذا المصطلح يطلق على المصري الذي يحترم نفسه ويحترم غيره ووعده وله جذور وقيم ، ويحافظ على الأمانة وأكثر الأمانات التي عند المصري إبن الأصول المرأة الزوجة ، وقد يتعجب البعض من أن تعبير أولاد الأصول يطلق على الأغنياء وعلى الفقراء سواءً بسواء ، فهو تعبير عن حفظ الأمانه وليس عن مقدار الثراء ، وبطل قصتنا من الذين يطلقون عليهم أولاد الأصول ، فهو يسكن في حي باب الشعرية في القاهرة ، "قديماً كان للقاهرة أبواب تغلق ليلاً وتفتح صباحاً ، ومن هذه الأبواب إلى جانب باب الشعرية باب البحر وباب الحديد وباب زويلا وباب الخلق وباب الفتوح وباب النصر" ، وحي باب الشعرية يمتاز عند المصرين بوجود مسجد سيدي الشعراني وهو من الأقطاب ويمت بصلة إلى الموسيقار محمد عبد الوهاب ، والذي تمثاله النحاسي يتوسط الميدان ، يسكن هذا الحي بعض المصريين متوسطي الحالة وإن كان من الأحياء التجارية والتي تمتاز بتجارة المواد الغذائية والخضروات ، وأحد تجار هذا الحي بطل القصة التي تزوج من إبنة كبير التجار في هذا الحي ، وكان أبو العروس تاجراً ثرياً وكريماً على الأخرين ، ولما زوجه إبنته طلب منه شيئاً واحداً أن يحسن عشرتها فهي يتيمة الأم منذ الطفولة ، وتزوجها وبعد وقت ليس بالطويل توفى أبو العروس ، وجاء تجار الحي للمطالبة بأموال لهم عند أبو العروس ، الذي كان قد تعرض لهِزة في السوق أفقدته الكثير مما يملك فقام زوج الإبنه برد كل ما كان على أبو العروس ، وكان له شرطاً واحداً ألا تعلم زوجته عن مديونات والدها شيء ، حتى يظل إسم أبوها فخراً لها ولأحفاده من بعده ، وكانت قد أنجبت له 4 بنات ثم الخامسة ثم السادسة ، وفي بعض أوساط المصرين خصوصاً من له جذور صعيدية أو جذور تنتمي إلى الريف ، عادةً الولد يمثل شيئاً أساسياً وإلا يبحث الزوج إن لم تأتي له الزوجة بالولد عن أخرى إعتقاداً من الزوج أن نوع المولود تتحكم فيه الزوجة ، "وهذا الأمر مخالف للعلم حيث ثبت أن نوع المولود ذكراً كان أو أنثى يحدده الرجل لا المرأة (فالمرأة XX أما الرجل فهو XY) " وبدون الدخول في التفاصيل ، وأتسعت تجارة الزوج ، ولأنه من صعيد مصر وأصبح واسع الثراء ، سمع من أهله وكذلك من أصدقائه كلام عن ضرورة الزواج ، حتى لا تضيع كل هذه الثروة وتذهب إلى الغرباء ، وزاد الإلحاح له ومع ذلك زاد أصراره على أن هذه الزوجة أمانة قد إتمنه عليها كبير التجار أبوها ، وأبداً لن يكون سبباً في عدم الحفاظ على وعده لأبوها  يوم زواجه ، حتى الزوجة قالت له مرة فالتتزوج وتجرب حظك مع أخرى ، إلا أنه قال لها إن لم يرزقني الله بالولد ، فسوف يرزقني من بناتي بعد زواجهن ، وكبرت البنات وفي بعض الأوساط الشعبية المصرية زواج البنت مقدم كل شيء حتى على تعليمها وتزوجت البنت الأولى والثانية والثالثه والرابعة ، ويشاء الله أن كل البنات قد أنجبن ذكور ، وعلى فراش المرض الذي كان هو النهاية جلست بجانبه زوجته وقالت له أنت من أهل الجنه وأنا سأطلب من ربي لك الجنه جزاء رعايتك للوعد وللأمانه ، ويكفي أنك لم تغضبني مرة وأحسنت عشرتي وأحسنت تربية بناتك ، ولأول مرة أخبرته أنها تعلم ماذا فعل للحفاظ على سمعة أبيها وتسديده لكل الديون ، وقبلت يده وقالت له فعلاً أنتَ إبن أصول.  

♠♠♠ ا.د/ محمد موسى

Commentaires

Posts les plus consultés de ce blog

عجب كلمات الشاعر مجاهد الشرعبي

الان لا بد أن نفترق كلمات الشاعر عادل عبد الرازق

ملكة نساء كلمات الشاعر بدر شحود